أعلام الأدب في الشرق والغرب
عباس محمود
العقاد الكتاب: ابليس
تاريخ النشر:
1985 دار نهضة مصر
- القاهرة عباس محمود
العقاد أحد أهم
أعلام الثقافة
والأدب في القرن
العشرين له أكثر
من 120 كتاب تتراوح
بين الدين والسياسة
والأدب والفلسفة
والتاريخ والسيرة
الذاتية وتراجم
العظماء وغيرها
من مفاصل الثقافة
العربية والإسلامية
والعالمية أيضاً.
وكما تعرفون
جميعاً فإن كل
هذه الكتب كتب
جادة فهو كاتب
جاد ولذلك يريد
أن يكون قارئه
جاد أيضا، ويطالب
قارئه دائما أن
يكون متيقظ الجسم
والعقل والوجدان
عندما يقرأ ما
كتبه.
إن مثل هذه
الجملة الصادمة
شائعة جداً في
كتابات العقاد
ليجعل قارئه منذ
البداية يقظاً
جداً في أعلى درجات
الوعي. قراءة ممتعة.
زكريا...
فاتحــة
خيـــر يوم عرف الإنسان
الشيطان كانت
فاتحة خير.
وهي كلمة رائقة
معلبة ، تروع المسامع
وتستحق في بعض
الأذواق أن تقال
ولو تسامح القائلون
والسامعون في
بعض الحقيقة طلبا
لبلاغة المجاز.
ولكنها في
الواقع هي الحقيقة
في بساطتها الصادقة
التي لا مجاز في
لفظها ولا في معناها،
ولا تسامح في مدلولها
عند سامع ولا قائل،
بل هي من قبيل الحقائق
الرياضية التي
تثبت بكل برهان
وتقوم الشواهد
عليها في كل مكان.
فقد كانت معرفة
الشيطان فاتحة
التمييز بين الخير
والشر، ولم يكن
بين الخير والشر
من تمييز من قبل
أن يعرف الشيطان
بصفاته وأعماله
وضروب قدرته وخفايا
مقاصده ونياته.
كان ظلام لا
تمييز فيه بين
طيب وخبيث ، ولا
بين حسن وقبيح
، فلما ميز الإنسان
النور عرف الظلام،
ولما استطاع إدراك
الصباح استطاع
أن يعارضه بالليل،
وبالمساء.
كانت الدنيا
أهلا لكل عمل يصدر
منها ، ولم يكن
بين أعمالها الحسان
وأعمالها القباح
من فارق إلا أن
هذا يسر وهذا يسوء
، وإلا أن هذا يؤمن
وهذا يخاف. أما
أن هذا جائز في
ميزان الأخلاق
فلم يكن له مدلول
في الكلام ولم يكن
له – من باب أولى
– مدلول في الذهن
والوجدان، وكانت
القدرة هي كل شيء.
فلما عرف الإنسان
كيف يذم القدرة
ويعيبها عرف القدرة
التي تجمل الرب
المعبود والقدرة
التي لا تنسب إليه
ولكنها تنسب إلى
ضده ونقيضه.
وهو الشيطان.
وكانت فاتحة
خير لا شك فيه.
كانت فاتحة
خير بغير مجاز
وبغير تسامح في
التعبير. |