تتابع خيبات إسرائيل وسقوطها المرتقب

 

  مهرة سالم محمد القاسمي                               

     رأس الخيمة- الامارات العربية المتحدة                            

 2 يونيو   2010                                                 

هكذا تتلاشى إسرائيل. فقد رأينا منذ يومين فرسان الحرية يشقون عباب البحر ويعانقون الشهادة أو الكرامة. فرسان الحق والحقيقة لا يأبهون بغطرسة العدو الإسرائيلي الصهيوني، الذي ما زادتهم تهديداته إلا إصرارا في المضي قدما على ما عقدوا العزم عليه، وأكثر مما توقعوا لاقوا ، وأكثر مما وعدوا نفذوا. لم يبالغوا عندما قالوا إنهم سيرفضون الانصياع لأوامر العدو والتعامل معه وبأنهم على أتم الاستعداد لنيل إحدى الحسنيين.

ها نحن نرى مجموعة من صعاليك العدو الذي تعودنا على جرائمه سنينا طويلة، تقتحم سفن قافلة الحرية وتغتال العزل، وتأسر من بقى منهم على قيد الحياة من رجال ونساء وأطفال، وتقتادهم مكبلي الأيدي وفي ظروف غاية السوء، إلى موانئ وسجون نصبت على الأرض المغتصبة. لست في حاجة إلى أن أعيد ما نقوله ويقوله العالم أجمع، ما أبشعها من جريمة ! وما أتفه من ارتكبها!. ولكن بكل ثقة أقول، إنه مازالت الدنيا بخير، وما زالت الضمائر حية.

كانت مواجهة العدو في السنوات القليلة الماضية تقتصر على ما يقوم به  الشرفاء، الذين دأبوا على مواجهة من أغتصب الأرض والكرامة العربية ، والذين كانوا يقدمون الروح والدم ويواجهون مخاطر الأسر والتنكيل بغير كلل أو ملل، ورغم التضحية والفداء، يا هول ما كانوا يلاقون. تلك الدماء الطاهرة، لم يكتب لها أن ترقي بمستوى رد الفعل العربي الرسمي،  فعندما يكون بطش العدو طاغيا، فموقف النظام العربي يكون في سبات عميق ويكون صمتهم كصمت القبور، أما حكمتهم المأثورة فهي إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، تماهيا مع ما يعرف بالموقف الدولي(الامبريالي) .

 ولكن عندما يحقق الشرفاء بعض الانتصارات، تسقط عند أنظمتنا العربية حكمة " إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب". ونجدهم يرددون قول ما يملى عليهم من قبل من صنع إسرائيل ومستمر في دعمها، يرددون  عبارات جوفاء لا صدى لها في الواقع، ولكنها تستخدم كورقة التوت التي تخفي تواطيء النظام الدولي وأتباعه من أجل عيون إسرائيل، لعل اشهر هذه العبارات  "السلام خيارنا الاستراتيجي" أين هذا السلام الذي ينتظرونه؟ وما هي ملامحه وهم لا يزالون يضعون مبادرتهم له على الطاولة؟. هكذا هم مع الأسف، فكلما تمادى العدو في جرائمه كلما زادت مواقفهم انكسارا وخذلانا إلى أن أصبح واقعنا العربي على ما هو عليه من تدهور وانحطاط.        

ولكن هيهات أن يكتب لهذه السياسة النجاح أو الاستمرار، اليوم ليس هو الأمس، لقد تحطمت لغة التخاذل على صخرة الصمود والتصدي، فأصبح المواطن العربي يشعر بأن هناك من يستطيع أن يعيد له الأمل في استرجاع عزته. وها نحن نرى بأم عيننا كيف تتضاءل قوة إسرائيل وإن زاد بطشها، فمقولة جيشها الذي لا يقهر أثبتت الأيام بأنه ما هو إلا سلعة باهته  لدولة من ورق تتوالى عليها الهزائم والانكسارات.  

صدق السيد حسن نصر الله عندما أطلق صيحته بالقسم " إن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت". كان ذلك في عام 2000، وقتها تغامز المتخاذلون واستهزأ الحاقدون لهذ القسم الصادق، وإذا بالعدو الصهيوني يتلقى صفعة لم يفق منها حتى الآن، وما كان منه إلا أن هرول مندحرا من جنوب لبنان تاركا خلفه بذور انحداره. فتكررت خيباته كلما حاول تكرار عدوانه في لبنان الوعد الصادق، وفي غزة العزة والكرامة  بفلسطين.

وهاهي إسرائيل اليوم مستمرة في مسلسل حماقاتها الخائبة ولكنها هذه المرة توجهها ضد مجتمع دولي حر، جاء من أصقاع العالم بجنسياته المتعددة ودياناته المختلفة ليكشف حقيقة إسرائيل أمام الملأ ويعري كذبها الذي أصبح بدون رصيد و لم يعد له سائغا. وكان سوء حظها هذه المرة أن اصطدمت بعملاق لاتنطلي عليه الأكاذيب،  ولا يثنيه عن قول الحق ملومة لائم. إنه حفيد العثمانيين الذي انتفض كالمارد ليكيل لإسرائيل الصاع صاعين ويوجه لها ضربات موجعة لن تر بعدها ما كانت قد اعتادت عليه من حرية العربدة، وممارسات تعدت بها القوانين الدولية والشرائع السماوية.

انتفض طيب رجب أردوغان ليصد الظلم عن أبناء أمته ويطالب بكل قوة بفك الحصار عن غزة، و قبلها قال أن أي اعتداء على أية عاصمة عربية يعتبر اعتداءا على اسطنبول، هكذا قرر طيب رجب أردوغان، العودة لأحضان أمته بداية لتصحيح الأخطاء التاريخية، وما كان من هذه الأمة إلا العرفان بهذا الجميل فهبت في العواصم العربية ومدنها حشود غفيرة  تهتف لتركيا وحكومتها ولسان حالها يقول كم نحن نفتقد لزعيم كهذا يعيد لنا ماء وجهنا.    

لم يأبه الشعب العربي بالأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام عن اجتماع هنا أو لقاء هناك تضع حدا لجريمة إسرائيل، بل علقوا آمالهم على هذا الرجل وتوسموا الخير فيه، وصدقوا فيما ظنوا ، فبالأمس  عقد مجلس الأمن وخرج بقرارات باهتة  " لا تهش ولا تنش" ، واليوم سيعقد مجلس وزراء الخارجية العرب، وباستثناء بعض الدول العربية القليلة التي عودتنا بقراراتها المشرفة ، فإننا لا نتوقع من هذا المجلس السالف الذكر، أن يلبي طموحاتنا أو يثلج صدورنا، نحن المواطنون العرب نتساءل، أما آن لزمرة، ما يعرف بالمجتمع الدولي أن يترجل صهوة النفاق، وما آن للنظام العربي الرسمي أن يكف عن التعيش على ما تلقيه عليه هذه الزمرة الآثمة من فتات الموائد.

ولكن عزاؤنا الوحيد هو ما نراه من مستقبل يلوح في الأفق، فلم تفلح إسرائيل في هزيمة أبطال الحرية، فهاهم يوجهون سؤالا بعضهم لبعض وهم يغادرون السفينة، متى نرجع في الأسطول القادم؟ ويؤكد الكثيرون بأنه لن تضيع الدماء الطاهرة لشهداء قافلة الحرية. وهم صادقون فيما يظنون،  فمثل هذه الدماء كانت وما فتئت ينبوعا يروي شجرة الحرية.     

 وفي المقابل،  هذه هي إسرائيل تتعرى أمام العالم وتفقد حلفاء كانوا بالأمس يشكلون دعما لإستراتيجيتها الأمنية، فإلى العزلة ثم الانحدار هي ماضية، وإن غدا لناظره قريب.  

 


تعليقك