الموعــد وهــم

بدرية الشامسي

 

  أي جنون ذاك الذي أصابها؟ كيف كانت تفكر وعلى ماذا تراهن؟ هل راهنت على الصدفة علها تحالفها وتنظم لها موعدا دون اتفاق؟ أم على روحها التي تصورت أنها اتحدت مع روحه المحلقة حولها كما كان يقول فأخبرته عن موعدها؟ بماذا كانت تفكر وهي تستعد للذهاب وأي سيناريو ذاك الذي رسمته في ذاكرتها لحظة لقائه؟ أكملت زينتها ونظرت نظرة أخيرة على هيئتها وأناقتها، كانت تتصور نفسها في عينيه ومدى إعجابه بها، ُترى ماذا سيقول عن كل جزء من أناقتها هل سيعجبه العقد أم الفستان ولونه، أم ستعجبه تسريحة شعرها؟ أم لون عينيها؟ هكذا كانت تسال نفسها، عندما كانت تضع زينتها كانت تسمع صوته يثني على كل جزء من أناقتها فتبتسم ابتسامة الرضي والإعجاب بنفسها.


خرجت للموعد بأمل كبير في لقاءه، هي لم تتفق معه لكنها اعتمدت على أمل اللقاء بدون ميعاد، وصلت إلى المكان فاستقبلها الخوف والتردد، لا تعلم لم اشتعلت في جسدها حرارة أحست أثرها بارتجافه في القلب، فما أن دخلت المكان حتى أخذت عينيها تبحث عنه في الزوايا تأملت الوجوه حولها لم تجد وجهه بينهم، أصغت إلى كل الأصوات لكنها لم تميز مطر صوته، رأته في كل الوجوه لكنها لم ترى وجهه، و في كل زوايا المكان تصورته لكنها لم تلقه، كانت تنتظر إطلالته في أي لحظة فتتهيأ لاستقباله، انتظرت في المكان طويلا لكن انتظارها طال وملها المكان وهو لم يأت، لملمت شوقها وحنينها، وقبل أن تغادر المكان حملت النسمات بقايا من شذا عطرهما عله يتذكرها ويعرف إنها مرت من هنا ثم كفكفت دموعها، بعد أن تأكدت انه غاب للأبد عن عالمها كما غاب ذات مساء، أي عذاب ذاك الذي تعذب به قلبها؟ وأي ألم تجدده لروحها؟ غادرت المكان بعد أن بكت بحرقة متسائلة لم هي بالذات اختارها لتمشي معه هذا الطريق وهو يعلم نهايته؟ لم هي دون غيرها؟ ما الذي ادخلها هذا العالم؟ وأي نقاء ذاك الذي تبحث عنه في زمن التلوث، ولم هي لا تزال ممتلئة به رغم علمها أنها إحدى محطاته التي غادرها ليستقل محطة أخرى أكثر راحة؟ لم تجد أي إجابة لأسئلتها، غير صوت الواقع يردد لها: انه موعد وهم لا يعيش إلا في ذاكرتك المريضة به.

 


تعليقك